كتاب الله... هو ديدنك ترددين آياته مع أنفاسك وتتعطرين بجميل ذكره،
فلك الحظ الوافر من حفظه، والنصيب الأكبر من تلاوته.
كل العلوم سوى القرآن مشغلة *** إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
أختاه: في طريقك إلى الله قد تعترضك هموم وأحزان
فمن يشرح صدرك ويذهب حزنك؟ إنه القرآن...
فاحرصي يومياً على تلاوة جزء منه، وستجدين سعة الصدر والانشراح
إضافة إلى البركة في الوقت والتوفيق للعمل الصالح، اللهم اجعل القرآن
العظيم الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا.
ثم يا أخية هناك أمر مهم في دعوتك للآخرين...
فلا بد أن تؤيدي كلامك ببعض الآيات النورانية، فقد ثبت أن الكلام المزين
بالآيات والأحاديث له تأثير أكبر في النفوس من الكلام الخالي منهما،
اعترف بذلك كثير ممن هداهم الله فيما بعد، ولن يتحقق لك ذلك إلا إذا
كان لك نصيب من حفظ كتاب الله، فهذا باب واسع للدعوة.
أو على الأقل حفظ الآيات التي تتعلق ببعض الأحكام الشرعية وحفظ
بعض آيات الترغيب والترهيب، هذا أمر مهم ولا بد منه حتى يكون
أساسك الدعوي أقوى كما لا تنسي أن تحفظي بعض الأحديث والأشعار
والحكم والتي تؤدي نفس الغرض وتجعلك أثر ثباتاً واطمئنا
أثناء دعوتك ومناقشتك مع الآخرين.
وهكذا كلما قويت حصيلتك من العلم والحفظ والحكمة كلما كانت
النتائج أفضل بإذن الله.
* ولكن... قد تضيع جميع جهودك أيتها الداعية هباء ولا تثمر،
وذلك عندما ينطق مظهرك بصراحة وبوضوح عن مخالفته لأقوالك
فما لي أراك ترتدين الضيق الذي يحدد أعضاء جسمك ولا تتورعين عن
كشف أجزاء من جسدك كان يجب عليك أن تستريها بحجة أنك بين نساء
ثم بعد ذلك تنصحين الآخرين وتعلمينهم وأنت أمامهم بهذا المظهر الذي
لو رآك عليه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لما رضي بعملك
هذا فكيف ورب العالمين يراك ولا تخجلين منه وأنت القدوة؟!، فاحذري
أيتها الداعية أن تسني سنة سيئة جارية بين النساء يكون عليك
وزرها ووزر من عمل بها بسببك إلى يوم القيامة.
فأنت القدوة في أعينهن وهن مقلدات لك فما استحسنته وفعلته
فهو الحسن عندهم وما استقبحته فهو القبيح، فاحذري
فإن ذنبك أعظم لأنك تعصين الله على علم.
فاتقي الله.. وفقك الله وحفظك من الفتن.
أختي الداعية.. رددي معي هذا الدعاء { رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي . وَيَسِّرْ
لِي أَمْرِي . وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي . يَفْقَهُوا قَوْلِي}
نعم أنت بحاجة كبيرة لانشراح الصدر، فهذه سيماء الدعاة الصالحين لأنك
وأنت على الطريق قد تصابين بحالات حزن شديد خصوصاً عندما ترين
أقرب الناس إليك في ضلال وهم لا يستجيبون لنصحك وتوجيهك
فتصيبك حسرة شديدة بسبب الخوف عليهم.
والله سبحانه قد نهانا عن شدة الاغتمام والحزن على من لم سيتجيب
لله وللرسول مهما كان حبنا لهم وقربهيم لنا {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ
حَسَرَاتٍ } (8) سورة فاطر {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا
بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} (6) سورة الكهف لأن الحزن الشديد قد يسبب حالة
اكتئاب تؤدي إلى عدم رغبة الداعية في عمل أي شيء مما يفوت
مصالح عظيمة، قد يترتب عليها فيما بعد هداية من تحبهم.
كما أن الحزن الشديد قد يتسبب في أمراض عضوية كارتفاع لضغط،
وتوتر الأ عصاب والإجهاد المستمر، وأمراض الجهاز لهضمي ونحوها.
وفي حالات الاكتئاب الشديد قد يصل الإنسان إلى الرغبة في حياته
والعياذ بالله، فحافظي يا أخية على هذه النفس الثمينة التي وهبك الله
إياها واغتنميها في عمل الصالحات والتقرب إلى الله ولا تدعيها تذهب من
بين يديك هكذا حسرات على من لم يستجب لله وللرسول صلى الله
عليه وسلم { فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء َ} (8) سورة فاطر
{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (129) سورة التوبة
* أ هل تعلمين أن " النصرة والتأييد " هما أيضاً من أساليب الدعوة
الهامة، قال صلى الله عليه وسلم: " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا
يخذله .... الحديث " (رواه مسلم). فالمؤمن مأمور أن ينصر أخاه، وأحق
الناس بالنصرة والتأييد هم الدعاة والداعيات والعلماء الأخيار، فالنصرة يا
أخية أسلوب دعوي ناجح قد لا تكلفك في بعض الأحيان أكثر من كلمة
تأييد إذا رأيت أختاً لك في الله تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر وقد تكون
النصرة أيضاً بمشاركتها في الحديث والاهتمام بما تقوله وحث
الآخرين إلى حسن الانصات والاستفادة منها.
مثل هذه الأمور قد تعتبرينها بسيطة ولكنها في الحقيقة أمور
أساسية تحتاج إليها كل داعية عندما تقوم لإلقاء كلمة في اجتماع
نسوي مثلا، فهي تحتاج لمن يؤيدها وينصرها ويحث الأخريات على
الهدوء وحسن الاستماع، فتكونين بذلك عملت بوصيته صلى الله
عليه وسلم " انصر أخاك... " كما يجب أن تحذري من تخذيل المسلمة
عن الدعوة إلى الله بحجة أن جهودها لن تثمر وأن هناك من
سبقها ممن هو خير منها ولم يفلح.
(فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: " لا يخذله... " والتخذيل كما
هو معلوم من صفات المنافقين، نسأل الله السلامة.
فلا هم يعملون ولا هم يفرحون بأن هناك، من يسد ما تقاعسوا عنه بل
غاية شغلهم التثبيط والتخذيل عن العلم والتعليم والدعوة،فمن التخذيل
للمسلم أن تتحدث الداعية بكلمة مفيدة ثم تجد أثناء حديثها أن ممن
يفترض أنهن يعنها على الدعوة لما أوتين من العلم والفهم هن أكثر
الناس تخذيلاً لها حيث ينشغلن عن حديثها بأحاديث جانبية ويشغلن
معهن معظم من في المجلس، بل ربما خرجن إلى مجلس آخر
لاستكمال أحاديثهن عن الدنيا والتي لا تنتهي أبدا ولو لمدة نصف ساعة
فقط لذكر الله عز وجل يكتبن فيها من الذاكرات لله ويعن غيرهن
للاستفادة من مجلس الذكر بجلوسهن وحسن استماعهن حيث لانضباط
أثناء مجلس الذكر يساعد على الخشوع فيثمر بإذن الله، بعكس الفوضى
التي تقتل روح الخشوع فيفقد مجلس الذكر كل معانيه *!
أليس هذا من التخذيل الذي يضعف النشاط عند الداعية؟ إذاً فلنعمل
بقوله صلى الله عليه وسلم : "أنصر أخاك " فانصري أختك الداعية إلى
الله حتى تعمنا جميعاً بركة هذه النصرة، وحتى لا ندفن تحت تراب الغفلة
بسبب تركنا نصرة الأخيار وتأيدهم، فالجزاء من جنس العمل.
اسأل الله ان يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
المصدركتاب أفكار للداعيات
تأليف : هناء الصنيع
تقديم : فضيلة الشيخ عبدالله الجبرين