الداعية الصامتة.. لماذا؟
الذي أعرفه عنك أنك تملكين شيئاً من العلم وفصاحة اللسان، فلماذا الصمت والحياء..
نعم الحياء لا يأتي إلا بخير ولكن ليس هاهنا..
وليس معنى الحياء ألا تشارك الداعية في كلمة طيبة تلقيها على أخواتها
المسلمات. قال تعالى: { وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ } (53) سورة الأحزاب
فاحذري أن يصيبك العجز والخور...
سأذكر لك ما يحرك كوامن الخير في نفسك.
.. ألا ترين أهل الباطل يتسابقون إلى باطلهم ويتنافسون فيه فهؤلاء
الراقصات العاريات يتفانين في عملهن وهؤلاء الممثلات والمغنيات
الداعرات يبذلن الغالي والرخيص في أعمالهن ولا يستحين من الله ولا من خلقه.
هذا وهن على باطل..!
فلماذا نستحي نحن أهل الحق.
أختي الداعية الصامتة..
إن كل واحدة منا على ثغرة في الإسلام عظيمة فاحذري أن تؤتى هذه الثغرة من قبلك
خوضي مجالات الحياة الكثيرة، فإن التفت يمنة أو يسرة وجدت عالماً تائها
يمد يديه إليك لكي تخرجيه من الظلمات إلى النور بإذن الله...
عند حضورك أي درس أو محاضرة..
فمن الأفضل أن تصطحبي معك ورقة وقلما وتقومين
بتسجيل الأفكار الرئيسية كرؤوس أقلام.
وعند العودة إلى المنزل تكونين داعية بين أهلك، فتبلغين الوالدة
المسكينة والأخوات الضعيفات بما من الله عليك من علم خلال الدرس
الذي حضرتيه أنت وحرمن هن فائدته فلا تبخلي عليهن فالأمر مهم.
هل فكرت أن تضعي لك دفتراً خاصاً تلخصين فيه موضوعات
أعجبتك من بعض الأشرطة أو الكتب القيمة..
وبالتالي تقدمينها أنت دروساً لأهلك وزميلاتك وأقاربك أو الجيران ونحوهم.
هل أنتِ؟
ممن من الله عليهن ببعض العلم الشرعي؟ إذا كان جوابك نعم،
ألا ترغبين أن تكوني خليفة رسول الله لمصلى الله عليه وسلم
في الدعوة إلى الله؟
لا شك أن جوابك سيكون نعم.
إذأ فاجعلي من بيتك مركز دعوة لله عز وجل، اختاري يوماً في الأسبوع
أو يومين في الشهر حسب ظروفك..
أقول: اجعلي هذا اليوم مجلساً للذكر وحبذا لو كان يجمع العلم أيضاً،
اجمعي فيه جيرانك وأقاربك من ذوي الأعمار المتقاربة واقطفي في هذا
المجلس من ثمرات العلوم الشرعية المختلفة، فمن حفظ قرآن
وتفسير إلى عقيدة وهدي نبوي..
ولا تنسي يا أختاه أن تنشري الشريط الإسلامي بين الحاضرات
وأن توزعي ما نفع من الكتيبات.
وحاولي يا أخية أن تقصري هذا الاجتماع على المشروبات وابتعدي فيه
عن التكلف والتبذير، لأن الناس عندما يقومون بزيارة بعضهم يملأون
البطون ويتركون العقول فارغة وكما لا يخفى عليك فإن لمجلس الذكر
طابعه الخاص وهو الاستفادة من كل الوقت لأنه عادة ما يكون وقته قصيراً.
أختاه كوني هينة لينة الجانب واعلمي أن أعينهن معقودة عليك فلا تريهم
منك القبيح والله يسدد خطاك. وها قد قدمت لك الفكرة فهل تعملين؟
أم إن الأمل طويل..
أقول لك: ابدئي فقط وسترين تيسير الله بعد ذلك.
لا تنسي إعمال النية في كل صغيرة وكبيرة
فالأعمال إما لك إن حسنت نيتك
وإما عليك إن فسدت نيتك
وإما هدر إن لم تصاحبها نية حسنة أو سيئة
وهل ترضين أن تذهب ساعات عمرك الغالية هكذا هدرا لا لك ولا عليك.،.
إذاً فلا بد أن تتفطني لإعمال النية في جميع أمورك مهما دقت حتى
تصبح حياتك كلها عبادة بينما أنت تمارسين حياتك اليومية.
* تذكري أنه يصعب إرضاء الناس كلهم في وقت واحد..
وأن ذلك يكون أكثر صعوبة في طريق الدعوة واعلمي أن رضا الناس غاية
لا تدرك أما رضا رب الناس فهي غاية تدرك بإذن الله، من أجل ذلك لا
تضيعي وقتك وتفوتي فرص الخير عليك وعلى الآخرين من أجل إرضاء
فلان أو فلانة من الناس، بل اعملي واستعيني بالله {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا
لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (69) سورة العنكبوت
وبعد العمل الصحيح الموافق للسنة والصدق مع الله لا يضرك من
خالفك فما الدنيا إلا سحابة صيف عن قريب تقشع.
لا تنظري إلى عملك بين الأعمال فتقعدك نشوة الطاعة عن الأعمال
الأخرى كما ينبغي ألا تـثبطك قيود المعاصي عن العمل الدعوي، بل
انفضي عنك سريعاً غبار المعاصي واغتسلي بماء التوبة وعودي بهمة
أعلى واجعلي هم الإسلام في قلبك واغرسيه غرساً، وليكن خروج
روحك من جسدك أهون عليك من أن تخرجي من الدعوة إلى الله.
"اطلبي العلم في منزلك، فقد قال تعالى: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ
كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} (14) سورة محمد . وقال
الإمام أحمد- رحمه الله تعالى-: "العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته "
قالوا: كيف ذلك؟ قال: "ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره " فتكونين
بهذه النية وبهذا العمل من المجاهدات في سبيل الله لنشر دينه.
حسناً نحن متفقات! على أهمية طلب العلم الشرعي، فلا يعقل أن
تكوني داعية بلا علم، فالذي يجهل الشيء كيف يدعو إليه.
فإن قلت ما الطريقة المعينة على ذلك؟
وما الكتب المناسبة التي أحتاجها وبماذا أبدأ؟
بالنسبة لكتب العلم فقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين حفظه الله
عن الكتب التي ينصح بها طالب العالم فأشار إلى عدة كتب نذكر منها:
في العقيدة:
1- كتاب "ثلاثة الأصول ".
2- كتاب " القواعد الأربع ".
3- كتاب "كشف الشبهات ".
4- كتاب "التوحيد" للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
5- كتاب "شرح العقيدة الطحاوية" لأبي الحسن علي بن أبي العز-
رحمه الله- وقد قام الدكتور محمد آل خميس- جزاه الله خيراً- ب
اختصاره وسماه "شرح العقيدة الطحاوية الميسر".
في الحديث:
1- كتاب "فتح الباري شرح صحيح البخاري " لابن حجر العسقلاني رحمه الله.
2- كتاب "سبل السلام شرح بلوغ المرام " للصنعاني.
3- كتاب " الأربعين النووية" لأبي زكريا النووي رحمه الله تعالى.
في الفقه:
1- كتاب "زاد المستقنع " للحجاوي. وقد قام فضيلة الشيخ محمد بن
عثيمين- حفظه الله- بشرحه وتوضيح مسائله وذلك في كتابه القيم
"الشرح الممتع على زاد المستقنع ".
التفسير:
1- كتاب "تفسير القرآن العظيم " لابن كثير- رحمه الله تعالى-.
2- كتاب "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " للشيخ
عبد الرحمن السعدي رحمه الله.
السيرة:
1- كتاب "زاد المعاد" لابن القيم رحمه الله.
كما أن هناك طريقة مقترحة لطلب العلم في المنزل، وهو أن تحضري
الكتاب الذي عزمت على دراسته ثم تحضري شرحاً مسجلاً له على
شريط لأحد العلماء الأفاضل فتبدئي بالدراسة من الكتاب والاستماع من
الشريط وكأنك تجلسين في قاعة محاضرات بإحدى الجامعات الإسلامية،
ثم تقومين بتدوين بعض التعليقات والفوائد على جوانب الكتاب أو في
دفتر خاص وبذلك تكونين درست الكتاب الذي أرديه على أحد المشايخ.
مثلاً: في العقيدة:
ترغبين في دراسة كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى..
حسناً أحضري الكتاب واشتري من التسجيلات أشرطة شرح كتاب
التوحيد مثلاً لفضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك- حفظه الله تعالى -
واستمعي يومياً إلى شريط واحد، وهكذا الكتب الأخرى فبعضها لها
شروح مسجلة على أشرطة تساعدك كثيراً وتسهل عليك طلب العلم الشرعي.
مثال آخر: في الحديث:
ترغبين في دراسة كتاب "رياض الصالحين " للإمام النووي رحمه الله
تعالى، أيسر طريق لذلك أن تطلعي على شرح ميسر وواضح للكتاب
يعينك على فهمه، فقد قام فضيلة الشيخ محمد العثيمين حفظه الله
بهذه المهمة الجليلة في كتاب رائع أسماه "شرح رياض الصالحين
من كلام سيد المرسلين ".
ولا يخفى عليك أن كتاب "رياض الصالحين " من أوسع الكتب انتشاراً
وأكثرها تداولاً لأنه كتاب تربوي وللمكانة العلمية التي احتلها
مؤلف الكتاب بين العلماء.
إذاً فأنت أحوج إلى فهمه من غيرك فإنه خير معين لك على تربية نفسك
وتربية الآخرين كداعية، فلا يفوتك الاستفادة من شرحه وفهمه بطريقة
صحيحة، ألا ترغبين أن يرفعك الله؟ {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (11) سورة المجادلة .